(4) إياكِ والإحباط!

هناء بنت عبد العزيز الصنيع

الحزن الشديد قد يسبب حالة اكتئاب تؤدي إلى عدم رغبة الداعية في عمل أي شيء مما يفوت مصالح عظيمة، قد يترتب عليها فيما بعد هداية من تحبهم.

أختي الداعية.. رددي معي هذا الدعاء {رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي . وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي . وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي . يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه:25-28]. 

نعم أنت بحاجة كبيرة لانشراح الصدر، فهذه سيماء الدعاة الصالحين لأنك وأنت على الطريق قد تصابين بحالات حزن شديد خصوصًا عندما ترين أقرب الناس إليك في ضلال وهم لا يستجيبون لنصحك وتوجيهك فتصيبك حسرة شديدة بسبب الخوف عليهم.

والله سبحانه قد نهانا عن شدة الاغتمام والحزن على من لم سيتجيب لله وللرسول مهما كان حبنا لهم وقربهيم لنا {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} [فاطر:8]، {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف:6].

لأن الحزن الشديد قد يسبب حالة اكتئاب تؤدي إلى عدم رغبة الداعية في عمل أي شيء مما يفوت مصالح عظيمة، قد يترتب عليها فيما بعد هداية من تحبهم.

كما أن الحزن الشديد قد يتسبب في أمراض عضوية كارتفاع لضغط، وتوتر الأ عصاب والإجهاد المستمر، وأمراض الجهاز لهضمي ونحوها.

وفي حالات الاكتئاب الشديد قد يصل الإنسان إلى الرغبة في حياته والعياذ بالله، فحافظي يا أخية على هذه النفس الثمينة التي وهبك الله إياها واغتنميها في عمل الصالحات والتقرب إلى الله ولا تدعيها تذهب من بين يديك هكذا حسرات على من لم يستجب لله وللرسول صلى الله عليه وسلم {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء} [فاطر:8]، {فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة:129].

 

* هل تعلمين أن "النصرة والتأييد" هما أيضًا من أساليب الدعوة الهامة، قال صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله .... الحديث» (رواه مسلم).  فالمؤمن مأمور أن ينصر أخاه، وأحق الناس بالنصرة والتأييد هم الدعاة والداعيات والعلماء الأخيار، فالنصرة يا أخية أسلوب دعوي ناجح قد لا تكلفك في بعض الأحيان أكثر من كلمة تأييد إذا رأيت أختًا لك في الله تأمر بمعروف أو تنهى عن منكر وقد تكون النصرة أيضًا بمشاركتها في الحديث والاهتمام بما تقوله وحث الآخرين إلى حسن الانصات والاستفادة منها.

مثل هذه الأمور قد تعتبرينها بسيطة ولكنها في الحقيقة أمور أساسية تحتاج إليها كل داعية عندما تقوم لإلقاء كلمة في اجتماع نسوي مثلًا، فهي تحتاج لمن يؤيدها وينصرها ويحث الأخريات على الهدوء وحسن الاستماع، فتكونين بذلك عملت بوصيته صلى الله عليه وسلم «انصر أخاك...».

كما يجب أن تحذري من تخذيل المسلمة عن الدعوة إلى الله بحجة أن جهودها لن تثمر وأن هناك من سبقها ممن هو خير منها ولم يفلح.

فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لا يخذله...» والتخذيل كما هو معلوم من صفات المنافقين، نسأل الله السلامة.

فلا هم يعملون ولا هم يفرحون بأن هناك، من يسد ما تقاعسوا عنه بل غاية شغلهم التثبيط والتخذيل عن العلم والتعليم والدعوة، فمن التخذيل للمسلم أن تتحدث الداعية بكلمة مفيدة ثم تجد أثناء حديثها أن ممن يفترض أنهن يعنها على الدعوة لما أوتين من العلم والفهم هن أكثر الناس تخذيلًا لها حيث ينشغلن عن حديثها بأحاديث جانبية ويشغلن معهن معظم من في المجلس.

بل ربما خرجن إلى مجلس آخر لاستكمال أحاديثهن عن الدنيا والتي لا تنتهي أبدًا ولو لمدة نصف ساعة فقط لذكر الله عز وجل يكتبن فيها من الذاكرات لله ويعن غيرهن للاستفادة من مجلس الذكر بجلوسهن وحسن استماعهن حيث الانضباط أثناء مجلس الذكر يساعد على الخشوع فيثمر بإذن الله، بعكس الفوضى التي تقتل روح الخشوع فيفقد مجلس الذكر كل معانيه‍!

أليس هذا من التخذيل الذي يضعف النشاط عند الداعية؟ إذًا فلنعمل بقوله صلى الله عليه وسلم : «انصر أخاك» فانصري أختك الداعية إلى الله حتى تعمنا جميعًا بركة هذه النصرة، وحتى لا ندفن تحت تراب الغفلة بسبب تركنا نصرة الأخيار وتأيدهم، فالجزاء من جنس العمل.